(سعد أبو الدهاج)
الداخلة – أضحت السيدة ميمونة أميدان، الفاعلة الجمعوية والمشرفة على إحدى أنشط الجمعيات في جهة الداخلة – وادي الذهب، خلال السنوات الأخيرة، نموذجا متميزا وصورة مشرقة لامرأة نذرت حياتها لخدمة ورعاية الفئات الاجتماعية الهشة في هذه الربوع الغالية من المملكة.
ميمونة أميدان، التي وضعت نصب عينيها رعاية كل يتيم ومعوز، من نساء وأطفال وشيوخ، قررت، بمساعدة نساء أخريات، حمل مشعل العمل الجمعوي والتطوعي بالداخلة، للمساهمة من موقعهن في تعزيز الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية البشرية والاقتصادية على الصعيد المحلي.
ومن خلال انخراطها في النسيج الجمعوي، تناضل السيدة أميدان، بكل نشاط وحيوية، لمساعدة الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة في مدينة الداخلة، عبر دعمها ماديا ومعنويا، وانتشالها من براثن الفقر والأمية والأخذ بيدها نحو تحقيق ذواتها وإدخال البسمة والأمل إلى العديد من الأسر المعوزة.
وتحكي السيدة أميدان، رئيسة جمعية “طيبة للأعمال الاجتماعية” بجهة الداخلة – وادي الذهب، في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن مسارها الدراسي بداية من حصولها على الشهادة الابتدائية والتحاقها بالسلك الإعدادي بمدينة العيون مسقط رأسها، ثم انتقالها إلى السلك الثانوي بمدينة الداخلة، حيث حصلت على شهادة البكالوريا تعليم أصيل في 1999، وانتسابها إلى “محضرة أم القرى”، وهي مدرسة عتيقة في موريتانيا حيث حصلت على شهادة في الفقه المالكي سنة 2010.
وأضافت السيدة أميدان، الحافظة للقرآن الكريم وخريجة معهد “الهدى والنور” بشفشاون وأصغر واعظة في المنطقة خلال 1992، أنها تتابع دراساتها العليا حاليا في كلية الشريعة بمدينة السمارة، مشيرة إلى أن تزاوج بين دراستها ونشاطها الجمعوي وعملها كواعظة بالمجلس العلمي لأوسرد وعضو خلية المرأة بالمجلس العلمي للداخلة، وعضويتها في العديد من الهيئات والجمعيات، منها على الخصوص، “الجامعة الدولية للإبداع والعلوم الإنسانية والسلام بين الشعوب فرع الداخلة”، ومنتدى “التراث إبداع”، وجمعية “برور لرعاية المسنين”، ومنتدى “رعاية لحماية الطفولة”، ومنتدى “الحياة للمرأة والأسرة”.
وأشارت إلى أنها امتلكت على الدوام ذلك الحس الاجتماعي والسعي الحثيث إلى مساعدة الغير والأخذ بيدهم، لاسيما وأنها نشأت في بيئة أسرية تشجع على عمل الخير والإحسان، مؤكدة في هذا الإطار أن والدها كان يهتم بشكل كبير بالمجال الخيري والاجتماعي. تقول ميمونة أميدان “منذ صباي وأنا أعاين عن كثب التزام والدي بدعم ومساعدة المحتاجين، فهو من شجعني بشكل كبير على اقتحام مجال العمل الجمعوي، كما ساهم في توجيهي نحو تأسيس أول ناد للتضامن بإعدادية علال بن عبد الله حيث كنت أتابع دراستي.
واستطردت قائلة “هذا الحس الاجتماعي الذي لازمني منذ نعومة أظافري والدعم الأسري غير المحدود، هو من دفعني إلى الانخراط بقوة في العمل الجمعوي، انطلاقا من إيماني القوي بأن النساء بإمكانهن الاضطلاع بدور اجتماعي أكبر والاندماج في هذه الدينامية بالنظر إلى أنهن دائما الأقرب إلى هذا المجال”.
وبالمقابل، أكدت ميمونة أميدان، الزوجة والأم لأربعة أطفال، أنها لم تواجه أي صعوبات أو رفض عائلي لممارسة العمل الجمعوي، “بل على العكس، وجدت كل الدعم والمساندة من طرف زوجي، الذي يشجعني باستمرار على خوض غمار هذا المجال، وينخرط معي ويساعدني، بمعية أولادنا، في جميع المبادرات والمشاريع المرتبطة بأنشطتي الجمعوية”.
وأشارت السيدة أميدان إلى أن جمعية “طيبة للأعمال الاجتماعية”، التي تضم حوالي 428 منخرطا، تقدم مجموعة من الخدمات الاجتماعية المتنوعة التي تلقى صدى كبيرا لدى الساكنة المحلية، من بينها على الخصوص، مواكبة النساء في مجالي التعليم والتكوين، ودعم فئة المسنين، ورعاية الأيتام وكفالتهم داخل بيوتهم.
وللاضطلاع بهذه المهام، تضيف السيدة أميدان، تتوفر جمعية “طيبة” على خلية تهتم بالأمهات والأطفال في وضعية صعبة، وخلية “صديق المريض” التي يستفيد منها حوالي 22 مريضا بشكل شهري خاصة المحتاجين منهم لتصفية الدم، وخلية “دعم المسنين” التي تكفل 45 مسنا من خلال مساعدتهم في اقتناء اللوازم الطبية وشبه الطبية، فضلا عن مشروع “كفالة اليتيم” الذي تستفيد منه 44 أسرة.
وبالإضافة إلى هذه الخلايا التي تشتغل عليها الجمعية، تطمح السيدة أميدان إلى إطلاق مبادرات أخرى كتحفيظ القرآن الكريم للبنات، ومشروع “ملابس الفضل” الذي يعد ثمرة شراكة بين الجمعية ومجلس جهة الداخلة – وادي الذهب، حيث يرتكز على جمع الملابس المستعملة وإعادة إصلاحها وتوزيعها على الأسر المعوزة.
كما تتطلع، من خلال شراكة مع وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، في إطار مشروع الاستماع والتوجيه للنساء ضحايا العنف، إلى تنزيل مشروع الوساطة الأسرية، الذي يهدف إلى تقديم باقة متنوعة من الاستشارات والمساعدات الاجتماعية والقانونية والطبية لهذه الفئة من المجتمع.
وإلى جانب أنشطتها الجمعوية، تبدي السيدة أميدان اهتماما بالغا بمجال الأدب والتأليف، حيث ساهمت بمقالات في مجموعة من المجلات، من بينها مجلة المجلس العلمي الذي تحظى بعضويته، باعتبارها عضوا نشيطا في خلية المرأة التابعة للمجلس.
وفي هذا الصدد، تقولة الفاعلة الجمعوية “إن مجال الكتابة يشغل حيزا كبيرا من وقتي واهتماماتي. لقد ألفت كتاب “همس القوارير” الذي شاركت به في النسخة الـ 16 للمعرض الدولي للكتاب، وحظيت كممثلة لجهة الداخلة – وادي الذهب، بجائزة ضمن 24 متوجا داخل المغرب”، مضيفة “أنا بصدد الانتهاء من توقيع كتابها الثاني في أقرب الآجال”.
وترى ميمونة أميدان، الحاصلة على جائزة “أيقونة العمل الاجتماعي 2018 و2019″، أنه ينبغي على النساء أن يتحلين بالإرادة والطموح والصبر والتطلع القوي لتحقيق أحلامهن ومشاريعهن على أرض الواقع، مؤكدة أن المرأة قادرة على التميز في كل الأعمال والمهام التي تضطلع بها.
ودعت السيدة أميدان النساء المغربيات عموما، والمنحدرات من الأقاليم الجنوبية على الخصوص، إلى استغلال جميع الفرص المتاحة أمامهن للنهوض بأوضاعهن الاجتماعية والاقتصادية، مشيدة في الوقت ذاته بالمملكة، التي قطعت أشواطا كبرى في مجال المناصفة والمساواة بين الجنسين على جميع الأصعدة.
كما أعربت عن متمنياتها العميقة لجميع نساء العالم بالتوفيق والنجاح لكي يبصمن على مسار غني وحافل بالمساهمات والأعمال الاجتماعية، ويعملن على الاستثمار الأمثل لوقتهن في ما ينفع أسرهن ومجتمعاتهن على نحو أفضل، داعية إلى تضافر جهود جميع الفاعلين والمتدخلين حتى تتبوأ المرأة المكانة اللائقة بها داخل المجتمع.