(خديجة الطاهري)

الرباط، ومع/ أطلق ائتلاف “المناصفة دابا”،مؤخرا، حملة وطنية للتوقيع على العريضة الوطنية للمناصفة. في هذا الحوار تجيب وكيلة العريضة ومنسقة الائتلاف، السيدة وفاء حجي عن سياق هذه المبادرة، ومدى تجاوب الفاعل السياسي والحزبي والمدني والمواطنين معها، وكذا الأفق المنتظر منها:

1- ما هو سياق إطلاق المبادرة؟

مبادرة إطلاق عريضة “المناصفة” جاءت في إطار تقييم الوضع الراهن للقضية النسائية ببلادنا، خاصة بعد مرور قرابة عقد من دستور 2011، والذي تضمن في ديباجته وفصوله مسألة المساواة وعدم التمييز، ومع ذلك لازالت المرأة لم تحقق طموحاتنا داخل المجال المؤسساتي والسياسي، فانطلق هذا المشروع في بدايته بين جمعية جسور ملتقى النساء المغربيات ومؤسسة فريدريش إيبيرت الألمانية، وبعد عقد مجموعة من اللقاءات الحوارية والأيام الدراسية والمشاورات مع جميع الفاعلين من هيئات حزبية ونقابية ومجتمع مدني والجامعات وفاعلين من عالم الإعلام والفن والثقافة، تم التوقيع على ميثاق يجمع كل من آمن بالفكرة والمضمون، وتأسست حركة ائتلاف “المناصفة دابا” التي احتضنت فكرة انطلاق العريضة وتتبع مسارها الى أن تتحقق أهدافها.

2- كيف تجاوب الفاعل السياسي والحزبي والمدني مع هذه المبادرة؟

قمنا بإعداد ملف خاص بالعريضة يتضمن مجموعة هامة من الأوراق العلمية التي سهر على إعدادها فريق من الخبراء والمختصين لأجل تقديم مشروع متكامل لكل الفاعلين، وكان هناك تجاوب إيجابي من كل الفاعلين، وهذا يؤكد اقتناع الأغلبية بالانخراط في هذا المشروع خاصة بعد تقديم كتاب أبيض يتضمن حلولا تفصيلية لمعالجة كل البنود القانونية التي تحتاج إلى مراجعة لتكون ملائمة مع جاء في الديباجة والفصل 19 من الدستور، وأيضا لاحترام كل الالتزامات الدولية التي صادق عليها المغرب.

وقد أعطت اللقاءات المباشرة والمشاورات التي قمنا بها مع الفاعلين ثمارها، إذ نشتغل اليوم بشكل جماعي في هذا المشروع الذي حققنا من خلاله الالتفاف حول المشترك والعمل من أجل تحقيقه، وهذا ما سوف تلمسونه من خلال الدينامية التي خلقها المشروع داخل المجتمع إعلاميا وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أن معظم التنظيمات ومن كل الأقاليم والقرى انخرطت في المشروع وتجاوبت مع العريضة بشكل إيجابي.

3- ماهي حصيلة اللقاءات التي عقدتموها مع الفاعلين المؤسساتيين، وما هو تقييمكم لتفاعل المواطنين مع هذه العريضة؟

نحن طرقنا أبواب كل المؤسسات الحزبية والنقابية بكل تلاوينها والحركة الحقوقية والنسائية التي جمعنا معها مسار من النضال المشترك، وكنا منفتحين على أغلب الفاعلين أفرادا وجماعات، وتم تسجيل تجاوب وترحيب وانخراط فعلي منذ البداية ولازال مستمرا، كما أن هناك إقبال من طرف بعض المواطنين خاصة المؤمنين بقضايا الديمقراطية والقضية النسائية التي لا تتجزأ عن قضايا حقوق الإنسان.

وفي هذا الصدد، لابد من التأكيد على ضرورة تبسيط مسطرة قانون العرائض والملتمسات حتى نحقق الديمقراطية التشاركية وإقبال أكثر لانخراط المواطنين في تأسيس كل حركة نضالية سلمية من أجل تأسيس مرحلة حضارية تتجاوب والحراك المتقدم في كل الدول الديمقراطية.

وقد استمر الائتلاف في لقاء كل هؤلاء الفاعلين من أجل فتح نقاش حول مضامين الكتاب الأبيض، كما رفعنا مذكرة إلى رئيس الحكومة، و قد كان لحدود الساعة تجاوب إيجابي من أغلب زعماء الأحزاب السياسية الذين استقبلوا الائتلاف. كما وعدنا رئيس الحكومة بدارسة المشروع، وقد لمسنا حقيقة تفاعلا إيجابيا مع جميع المكونات.

4- تم إعداد “كتاب أبيض” من أجل المناصفة في المجال السياسي والمؤسساتي، ماهي المنهجية التي اعتمدتم عليها في إنجازه؟

في هذا الكتاب، تمت خلخلة كل القوانين التنظيمية المتعلقة بالمجال السياسي والمؤسساتي وملاءمتها مع مقتضيات الدستور، خاصة ما جاء في الديباجة والفصل 19. هذه المقتضيات تؤكد على ضرورة تفعيل المناصفة، ناهيك عن التزمات المغرب الدولية عبر مصادقته على مجموعة من التعهدات والاتفاقيات الدولية الداعية إلى عدم التمييز بين النساء والرجال في الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

نعتبر هذا الكتاب الأبيض، الذي سهر على إعداده مجموعة من الخبراء والمختصين، خارطة طريق لإصلاح كل الأعطاب القانونية التي شابت الجانب السياسي والمؤسساتي، حتى لا يستمر العبث بالقضية النسائية ببلادنا، وتضيع كل المكتسبات التي تطلبت معركة حقوقية طويلة المدى.

وقد تم إعداد هذا الكتاب بعد أن فتحنا نقاشا علميا وقمنا بتنظيم أيام دراسية مفتوحة مع مجموعة من الفاعلين والمختصين، والانفتاح على التجارب المقارنة مع بلدان إفريقية وأوربية ومغاربية. ويمكن اعتبار الكتاب الأبيض خلاصة لبعض التوصيات الصادرة عن هذه اللقاءات الأكاديمية.

5-ما هو بحسبكم الأفق المنتظر من هذه العريضة؟

المطلوب مسطريا لأجل قانونية العريضة، جمع 5000 توقيع، لكن سوف نتجاوز الرقم غالبا، برغم الظروف الوبائية التي صادفت المبادرة، وبرغم بعض الإكراهات التي حاولنا التغلب عليها، وسنعمل على إعداد عريضة متكاملة من حيث الموضوعية لرفعها إلى رئيس مجلس النواب، من أجل خلق آلية تشريعية في أفق 2030 لتفعيل الفصل 19 من الدستور، والذي ينص على تحقيق المناصفة بين الرجال والنساء في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والبيئية.