— بقلم: جليلة اعجاجة —
باريس – تكرار مغامرة البريد الجوي بعد قرن من الزمن، لكن هذه المرة بواسطة طائرة كهربائية، إنه حلم المغربية إلهام غيشاتي وفريقها الذي بدأ يتبلور.
ففي سن التاسعة والعشرين من العمر فقط، نجحت إلهام غيشاتي في وضع اللبنة الأولى لمغامرة تخيلتها: إعادة إنشاء “خط البريد الجوي” وافتتاح أول خط عابر للقارات بواسطة طائرة كهربائية !.
ونهاية سنة 2019، كانت إلهام غيشاتي قد تقاسمت مع وكالة المغرب العربي للأنباء هذا التحدي الكبير الذي تطمح إلى تحقيقه، قائلة في هذا الصدد إن “المغرب هو مهد البريد الجوي ! هذا الخط رائع ومثير للإعجاب عندما ندرك أنه، وبفضله، تمكن الناس من التواصل، ومن ثم، بناء السلام في القلوب والعقول. لقد منح هذا الخط أجنحة لجرأة وشجاعة الرجال الشغوفين والمحبين للحياة ! لهذا السبب، نود أن نعيد، بعد 100 سنة، الخط الجوي تولوز-الدار البيضاء، وبالتالي، افتتاح أول خط عابر للقارات بواسطة طائرة كهربائية”.
وبعد بضعة أشهر، بدأت الشابة الفرنسية-المغربية وفريقها في تحقيق مشروعهم. ففي 23 شتنبر الماضي، غادرت طائرتان كهربائيتان بنسبة 100 بالمائة من لوزان في سويسرا لتصلا في الـ 26 من نفس الشهر إلى مرسيليا إيكس أون بروفانس، وذلك بتتبع مسار الرحلة لوزان-أنيسي-شامبيري. بذلك، رأى مشروع “إليكتروبوستال” النور !.
هكذا، قامت إلهام غيشاتي، نائبة رئيس المشروع، بأول رحلة لها بالدفع الكهربائي إلى جانب أوليفييه دي سيبورغ، رئيس طياري البريد الجوي الكهربائي “إكتروبوستال”، وذلك على متن طائرة “فيليس إلكترو”، التي تعد الطائرة الكهربائية الوحيدة المنتجة بأعداد كبيرة وتحظى بالتصديق على مستوى أوروبا، حيث تعمل بمحرك 60 كيلوواط، كما تحلق بدون انبعاثات لثاني أكسيد الكربون ومن دون إصدار صوت.
وقالت إلهام غيشاتي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “إليكتروبوستال تشهد ولادتها. لقد تمكنا من القيام بأول رحلة بين لوزان ومرسيليا إيكس أون بروفانس. لقد انتظرنا النجاح من الإقلاع في 23 شتنبر إلى الـ 26 منه، عندما انتهت المغامرة”.
وأوضحت الشابة الفرنسية-المغربية التي تحضر حاليا للمرحلة الثانية من هذا المشروع الاستثنائي: الربط بين جنيف والدار البيضاء في العام 2021، “يمكن أن ألخص مشاعري بكلمة واحدة: واوو ! إنني سعيدة للغاية لكنني على وعي بأن الطريق لا يزال طويلا ومثيرا !”.
لكن طموحات الشابة الفرنسية-المغربية لا تنتهي عند هذا الحد. فهي تود افتتاح أول خط عابر للقارات بين أوروبا وإفريقيا بالطائرة الكهربائية، والقيام بعد 100 عام بإعادة إحياء خط تولوز-الدار البيضاء الجوي. وهو الخط الذي تطمح إلى تسجيله من قبل منظمة اليونسكو.
“إلكتروبوستال” هي جمعية تدافع عن ثلاث قيم أساسية. أولا، تعزيز الحلول البديلة للطاقات المتجددة وللهيدروجين والكهرباء … إلخ؛ العمل على استدامة التاريخ من خلال طريق البريد الجوي وقيمها الاستثنائية المتمثلة في الجرأة، والاحترام، والمشاطرة والتواضع، وأخيرا دعم مشاريع تضامنية ثقافية وأخوية. فهذه القيم يحملها في قلبه رئيس الجمعية هيرفي بيراردي، الذي وضع تصور هذا المشروع بمعية رافاييل دومجان، مؤسس وقائد مشروع “سولارستراتوس”، أول طائرة شمسية ستراتوسفيرية.
ويقول نائب رئيس “إلكتروبوستال”، بنبرة ملؤها الأمل، إنه ومن أجل النجاح في هذا المشروع الطموح “علينا التوفر على شركاء ماليين، والحصول على دعم من قبل المملكة المغربية، واليونسكو، والمستثمرين”.
وتعد إلهام غيشاتي أول امرأة مغربية تحصل على الترخيص بالقتال على طائرة مروحية عسكرية للجيش الفرنسي، وفي أوروبا كذلك، حيث غادرته بعد ذلك لتعود إلى الحياة المدنية، لتسجل نفسها سنة 2018 في المدرسة العليا لمهن الطيران قصد الحصول على دبلوم تقني عالي في الطيران تخصص النقل والعمليات. وبعد ذلك، التحقت بالمدرسة الوطنية للطيران المدني بصفة “ثيروتيكال نوولدج إنستراكتر”. كما قامت بتدريب الطيارين المتدربين لـ+إير فرانس+، والخطوط الملكية المغربية، وإير تشاينا، وإير ماكاو، وطيران جنوب إفريقيا المدني.
وفي 6 يناير 2020، التحقت بكل من “فلايت سيفتي إنترناشيونال” و”داسو أفياسيون” داخل “فالكون ترينينغ سينتر” بلوبورجي، وذلك بصفتها مؤطرة متعددة الاختصاصات على متن “داسو فالكون 7إكس/8 إكس، قبل أن يتم إرسالها عند متم يناير إلى نيووارك بالولايات المتحدة الأمريكية من أجل اجتياز اختبار كمؤطرة تحظى بالتصديق من طرف الولاية الفيدرالية الأمريكية.
وعلى الرغم من صغر سنها، تم توشيح إلهام غيشاتي، التي تعد عضوا بهيئة المحاربين القدامى، بميدالية وسام المقاتل كما تمتلك لقب اعتراف الأمة مع الميدالية.
والواضح أن شغف إلهام غيشاتي بالسماء ليس له حدود. فالشابة الفرنسية-المغربية تحلم بالذهاب إلى الفضاء وأن تصبح رائدة فضاء!.
وترغب إلهام غيشاتي، المتعلقة أيما تعلق ببلدها الأم، في مشاطرة شغفها بالسماء مع مواطني بلدها المغرب، لاسيما بجهة الشرق التي ينحدر منها والداها.
وتتطلع إلهام غيشاتي إلى القيام بمشاريع تتمحور حول هذا المجال، والتي تندرج ضمن +التحدي الأخضر+، مؤكدة أن حلمها هو تأسيس معهد أبحاث مبتكر يتمحور حول الطاقة الكهربائية ومدرسة طيران للطائرات الكهربائية. الحلم الذي ستنكب على تجسيده كما هو الشأن بالنسبة لباقي الأحلام التي تمكنت من تحقيقها في نهاية المطاف !!!.